الدور الرسالي لشيخ التسامح
2016-10-16

بقلم : سعادة ضرار بالهول الفلاسي
المدير العام لمؤسسة وطني الإمارات
يتميز البعد الأخلاقي والدور الرسالي لمختلف مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بشموليته ونظرته الاستشرافية وعدم تقييده بالاعتبارات الجغرافية حين تكون المخاطر الماثلة أمامنا تتخطى هذه الاعتبارات ابتداء.
من هنا يمكننا أن نفهم الأبعاد المحلية والعربية والعالمية لأحدث مكارم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد والمتمثلة في تدشين المبادرة العالمية للتسامح و«جائزة محمد بن راشد للتسامح» لبناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح إضافة لإنشاء «المعهد الدولي للتسامح» كأول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ لقيم التسامح بين الشعوب.
وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأنه مع اعتزازنا بأن التسامح قيمة أساسية في الإمارات إلا أننا نسعى لتحويل قيمة التسامح إلى عمل مؤسسي مستدام يعود بالخير على الشعوب العربية، مضيفاً سموه «التسامح ضمانة أساسية لاستقرار المجتمعات واستدامة التنمية فيها ولا بد من إعادة إعمار فكري وثقافي لمجتمعاتنا العربية لترسيخ التعايش والتسامح والانفتاح.
لكن الدور الرسالي لالتزام سموه بدعم ونشر قيمة التسامح يتضح بقوله، رعاه الله،»يجب العمل من أجل توفير حصانة فكرية للشباب وسيكون تركيزنا في هذه الجائزة على الشباب العربي لأننا نرى فيهم الأمل لتشكيل حائط الصد الرئيسي لمواجهة تيارات التعصب والإقصاء«.
هذا هو مربط الفرس، فما يطرحه سموه هنا هو إعلاء دور التسامح كقيمة وقائية تحصينية ضد التيارات الظلامية بكافة أشكالها التي تبني أعمالها الهمجية والدموية على مفاهيم التعصب والإقصاء ورفض الآخر واحتكار الصواب، وهي سلوكيات تتناقض تماماً مع أخلاق ديننا الحنيف وقيمه الخالدة التي أنزلها رب السماوات والأرض سبحانه القائل في محكم التنزيل:»يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا* إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ* إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»(الحجرات، 13).
وهذا تحديداً يحملنا كإماراتيين مسؤولية إضافية لكي نتفاعل مع مبادرة سموه على مستويين؛ الأول المستوى الفردي في إعلاء وترسيخ قيمة التسامح في سلوكياتنا وحواراتنا لكي نكون مثالاً يحتذى بين شعوب المنطقة والعالم، وقد قال سموه إن التسامح قيمة أساسية في مجتمعنا. والمستوى الثاني هو الجماعي الذي يحقق هدف سموه بتحويل قيمة التسامح لعمل مؤسسي مستدام، وكانت الخطوة الأولى فيه تأسيس وزارة للتسامح تديرها وزيرة قديرة هي معالي الشيخة لبنى القاسمي، لكن مؤسساتنا جميعاً مدعوة للتكامل مع هذا المسار لمأسسة هذه القيمة، تشريعياً أو تنظيمياً أو سلوكياً من خلال مبادرات تطبيقية تتلاقى مع رسالة سموه ومبادرته.
هل حان الوقت مثلاً لكي يتم إدراج قيمة التسامح في مناهجنا التعليمية ليس فقط في المدارس الحكومية، وإنما أيضاً ما يدرس في المدارس الخاصة وتعزيز الأنشطة غير المنهجية التي تعزز هذه القيمة في نفوس أبنائنا وبناتنا الناشئين، لكي نحصنهم ونقيهم مخاطر خطاب الكراهية والتصعب والإقصاء؟
مجرد اقتراح أتمنى تنفيذه.