مكانة دولة الإمارات في التسامح والتعايش



2019-12-08

عندما تنجز دولة الإمارات العربية المتحدة الرقم القياسي العالمي لغينيس للأرقام القياسية لأكبر عدد جنسيات ينشدون سلاماً وطنياً، كما حدث مؤخراً، فإن ذلك إن دل على شيء فإنه يدل على الاحترام الكبير، والحب العظيم، الذي يكنه أبناء هذه الجنسيات المتنوعة الذين يقيمون في ربوع الإمارات، تعبيراً عن اعتزازهم وتجسيداً لولائهم الصادق، وإيمانهم العميق بقيم التسامح والمساواة التي تميز المجتمع الإماراتي وفلسفة دولة الإمارات ومنظومة قيمها الأخلاقية التي هي امتداداً للأصالة العربية والإسلامية، ولتاريخ الإمارات العريق، تلك الفلسفة التي تترجم بكل أمانة القيم الإماراتية العظيمة ، فقصة الإمارات مع التسامح ليست حديثة العهد، بل هي امتداداً لتاريخها العريق والطويل، وتجسيداً لفلسفتها على الدوام، فمن قيامها في العام 1971 م ، شكلت دولة الإمارات العربية المتحدة، أنموذجاً حياً ومشرقاً، وترجمة حية لفلسفة التعايش السلمي والتسامح بين البشر، فكانت بذلك محط احترام واهتمام وتقدير العالم أجمع، كما غدت قبلة للكثير من الجنسيات ، التي رأى أهلها في دولة الإمارات محط آمالهم ، وموطن الأمن والسلام الذي يحلمون به، حيث لا تمييز بين إنسان وآخر، والكل سواسية أمام القانون، الذي يحمي ويحترم حقوق الجميع، بغض النظر عن الجنسية أو العرق أو الدين.
والحقيقة أن التسامح في دولة الإمارات، كمنهج حياة، إنما يستمد جذوره من العادات والتقاليد العربية الأصيلة، والقيم الإسلامية السمحاء التي تربى عليها الإماراتيون ، كما أنها لا يمكن أن تنفصل عن منظومة القيم والمبادىء التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، والعقل المدبر لمسيرة حضارتها، التي ابتدأت بالإشراق منذ قيام الإتحاد، وحتى يومنا هذا .
ولذلك وقبل الحديث عن التسامح في دولة الإمارات، يبدو من المهم لنا التوقف عن فلسفة الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، ومظاهر الإنسانية التي رسمت فلسفته وقناعاته وأفكاره في الحياة.

زايد والإنسان

يعتبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، صاحب الفضل مع إخوانه حكام الإمارات في مسيرة الإمارات الحضارية والإنسانية، فالأنسنة بالنسبة للإنسان تعني،الإرتقاء بعقله، وتهذيبه باعتبار أن الإنسان تميز عن غيره من المخلوقات بعقله، الذي بواسطته ارتقى عن غيره من المخلوقات وسما في سلوكه عنها.
وهي فلسفة أخلاقية تُركّزُ على قيمة الإنسان وكفاءَته ،وأعماله ومواقفه في الحياة، وهو ما كان يركز عليه الشيخ زايد رحمه الله. ما أهله لشغل العديد من المهام ، قبل أن يقود مسيرة البلاد في دروب الحضارة، حيث ساهمت سياسته الإنسانية هذه في تقوية مشاعر الأخوة بين المواطنين، ونشر روح التعاون بين القائد وشعبه .

شهادات للتاريخ

وسجل الكثير ممن عاصروا المغفور له الشيخ زايد ، شهاداتهم فيه، لما كان له من أثر في حياة الإمارات ومستقبلها، فهذا هو الرحالة البريطاني ولفرد ثيسيجر ، يقول في كتابه " الرمال العربية" : "إن زايداً رجل قوي البنية، لحيته بنية اللون، ووجهه ينمُّ عن ذكاء حادّ، وعيناه ثاقبتان قويتا الملاحظة، وهو يتميز بسلوك هادئ وشخصية قوية"، ويضيف: "لقد كنت متشوقاً للقاء زايد؛ فله شهرة واسعة في أوساط البدو الذين أحبوه لسلاسة أسلوبه غير الرسمي في معاملته لهم، ولعلاقاته الودية معهم، واحترموا فيه نفاذ شخصيته وذكاءه وقوته البدنية، وكانوا يعبرون عن إعجابهم به فيقولون: زايد بدوي مثلنا؛ فهو يعرف الكثير عن الهجن، ويركبها مثلنا، وهو ماهر في الرماية، ويجيد القتال". 4( الارشيف الوطني)
كما يصف ثيسيجر زايداً بقوله: "زايد رب أسرة كبيرة، يجلس دائماً للإنصات لمشاكل الناس ويحلها؛ فيخرج المتخاصمون من عنده بهدوء، وكلهم رضى عن أحكامه التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل".
وكان الشيخ زايد رحمه الله، يسعى دائماً إلى تعزيز روح العطاء في صفوف شعبه، حيث راح يدفعهم إلى المشاركة بكل طاقاتهم في هذه العملية التنموية الكبيرة.
وينقل عن الشيخ زايد قوله: ليس مهماً كم نبني من المنشآت والمؤسسات والمدارس والمستشفيات، أو عدد الجسور التي نشيّدها، فكل ذلك كيانات مادية. الروح الحقيقية التي تدفع التقدم للأمام هي الروح الإنسانية، الرجل القادر بفكره وملكاته”.

ولذلك نرى نهجه امتد إلى جيل بعد جيل واتسمت تلك الصفات بالقائد راعي المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله الذي ساهم مع إخوانه حكام الإمارات على مكانة كبيرة في فكر واهتمام الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله.
نطوف حول العالم، ونتوقف في أبرز محطات العطاء ومشاريع أياديهم البيضاء التي جعلت من الإمارات عاصمة عالمية للإنسانية، لا سيما وأن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله يؤمن أشد الإيمان بأنه من دون الإنسان لا يمكن بناء الحضارة،ولا يمكن بناء الأوطان والذود عن حياضها، ومن دون الإنسانية تستحيل الألفة والمحبة بين أبناء الجنس البشري.


على خطى زايد
ومن يتابع مسيرة الإمارات الحضارية منذ فجر الإتحاد، يلاحظ من دون عناء، أن فلسفة التعايش والسلام ، واحترام الآخر، باتت من أهم الصفات التي تميز هذه البلاد، يتعايش على أرضها أتباع أكثر من مئتي جنسية،بأديان ومعتقدات مختلفة، بسلام ووئام،بات مضرب الأمثال، مستظلة بالقوانين والأعراف والتقاليد التي تسمح في التعايش السلمي والتسامح والانفتاح على الأخر،مستلهمة في ذلك المبادىء والقيم التي أرسى أسسها الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،مؤسس دولة الإمارات ، وأكدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله عندما أصدر مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية ، والذي يهدف إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية.

رفض الإرهاب والتطرف
وبما أننا ما نزال في عام التسامح، الذي جاء بمبادرة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله ، حري بنا أن نتوقف عند تلك الأسبقية التي أقدمت عليها دولة الإمارات في إنشاء وزارة خاصة للتسامح ورعايتها لأهم المنتديات والملتقيات التي تدعو إلى إعلاء روح التسامح والحوار بين جميع الأديان ، ورفض الإرهاب والتطرف، ما يبرز بوضوح المعاني والقيم الإنسانية التي تلتزمها الإمارات ليس في التعايش السلمي بين أطياف المجتمع الإماراتي المتنوع وحسب ،وإنما في علاقاتها الخارجية أيضاً،حيث ظلت دولة الإمارات تواقة إلى العمل المخلص والجاد من أجل ترسيخ علاقات التعاون بين الشعوب، وإحلال لغة الحوار فيما بينها، للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، الأمر الذي جعل الإمارات تحظى بتقدير واحترام العالم أجمع.


حب الجميع للإمارات

وتعكس مواقف القاطنين في ربوع الإمارات ، من الجنسيات المختلفة ، محبة وتقدير أبناء هذه الجنسيات، لدولة الإمارات وشعبها واحترامهم لها، وهو ما يبدو واضحاً، في مشاركاتهم الواسعة في احتفالاتها الوطنية، ولا أدل على ذلك أكثر من المشاركة الكبيرة من قبل أبناء الجنسيات المختلفة، والتي تفوق المئتي جنسية، في احتفالات، عيد الإتحاد ويوم العلم وغيرهما من المناسبات الوطنية، والرقم القياسي التي أحرزته مؤسسة وطني الإمارات في إنشاد المشاركين في هذا الحدث للسلام الوطني الإماراتي، الذي حفظوه لما يكنون في نفوسهم من محبة واحترام للإمارات ،التي تشكل واحة من الأمن والسلام لكل المقيمين في ربوعها
أخيرا لابد من القول إن دولة الإمارات بفضل سياستها الإنسانية ، وقيادتها الحكيمة ، باتت تمثل أيقونةً حقيقةً للسلام والمحبة، ومنهلاً للخير والعطاء، ليس في المنطقة وحسب وإنما على المستوى العالمي أيضاً.