دعم المسنين ركن أساسي في الثقافة الإماراتية
2019-07-06

أوصت ورقة بحثية أصدرتها مؤسسة وطني الإمارات بعنوان «جهود الدولة وواجب الأجيال تجاه كبار المواطنين» بضرورة حماية المسنين من مخاوف الكهولة وفقدان المركز الاجتماعي واستنفاد الفاعلية وازدياد مرارة الشعور بالوحدة، لافتة إلى أن دعم المسنين ركن أساسي في الثقافة الإماراتية.
وطالبت الورقة بحماية المسنين مما يعرف بالانسحاب الاجتماعي ولجوئهم إلى السكوت والإحجام عن المشاركة المجتمعية حتى في محيط الأسرة.
وتضمنت الورقة البحثية التي أعدتها الدكتورة أمل بالهول مستشارة الشؤون المجتمعية في المؤسسة، 3 محاور رئيسية تناولت جهود الدولة في رعاية كبار السن وإصباغها بتشريعات، حيث تناول المحور الأول أنظمة وسياسات تطوير التربية من أجل الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة متمثلاً في «رؤية 2021» والتي من ضمن مكوناتها (شعب طموح واثق متمسك بتراثه)، فيما يتناول المحور الثاني مبدأ رعاية كبار المواطنين كونه من صميم الثقافة الإماراتية، ويستعرض المحور الثالث الجوانب النفسية والاجتماعية لكبار المواطنين.
وأوضح ضرار بالهول الفلاسي المدير التنفيذي لمؤسسة وطني الإمارات، أن المؤسسة تعمل على دراسة وقياس قضايا الرأي العام والمؤشرات والقيم الاجتماعية المهمة، ترجمة لأهدافها الرامية إلى التعريف بالموروث الثقافي والاجتماعي والديني والعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع الإماراتي ودعم أهداف الدولة التنموية بشكل علمي.
من جانبها دعت الدكتورة أمل بالهول إلى عدم النظر للشيخوخة باعتبارها مرضاً، بل عملية طبيعية تشمل التغير التدريجي في الشكل والوظيفة والقدرة على تحمل الضغوط، والذي يبدأ من التدهور المتدرج الذي يحدث من قمة النضج البدني والصحي في العقد الثالث من العمر، حيث تبدأ التغيرات الفسيولوجية المتعلقة بالسن مبكراً جداً، فيما تختلف مظاهر الشيخوخة بين الأفراد.
وشددت على وقاية المسن من «الانسحاب الاجتماعي» بسبب تقدم السن والعجز والأمراض، مطالبة من حوله بوقايته من أعراض الانسحاب التي تبدأ باللجوء الى الصمت في معظم اللقاءات الأسرية حتى لا يصبح سلوكا عاما للمسن، الأمر الذي يزيد مرضه أو غربته، وإشعار المسن بالعناية والاهتمام.
وطالبت بتعليم الأولاد والصغار وتدريبهم على رعاية الوالدين والمشاركة في الأعمال الأسرية، وخاصة تقديم الخدمات إلى الوالدين وكبار السن داخل الأسرة، ما يقوي العلاقة بهم ليصبح الأولاد والأحفاد في المستقبل بارين بكبار السن ويظهرون الاحترام والتقدير لهم، محذرة من تعريض المسن للمشقة والرفق به، وتقديم المساعدة له إذا عجز عن أمر ما.
أساليب
واستعرضت الباحثة أساليب قالت إنه يجب مراعاتها عند التعامل مع كبار المواطنين، وهي برهم ورد الجميل إليهم، ما يتطلب من الأبناء والأقارب تحسين التعامل معهم، وأن يتعرفوا على مرحلة المسنين وخصائصها النفسية والتغييرات التي تطرأ على الكبار في سنهم المتقدمة.
والمبادرة بالتحية والسلام والمصافحة ورفع الروح المعنوية لديه بحسن استقباله والترحيب به والدعاء له وإظهار السعادة بقدومه والتبسم في وجهه، فهذا يشعره بحب المجتمع له وفرحه بوجوده، وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه، وتدريب الأبناء على هذه السلوكيات.
وتطرقت بالهول الى أهمية سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وإنجازاته والإصغاء إليه وعدم مقاطعته، وأن يعي من يتعامل معه بأن المسن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه، فهو يتذكر جيدا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التحدث عنها مع غيره.
وذكرت بالهول أن إبراز جهود وإنجازات المسن والحديث عما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له ذو اثر إيجابي عليه، كما انه يجب إشعاره بأهميته وخاصة في اللقاءات والمناسبات العائلية والحذر من الاستئثار بالحديث في حضرتهم أو تجاهلهم دون منحهم فرصة للتعبير عن مشاعرهم أو ذكر شيء من آرائهم وخبراتهم، وعدم التبرم والضجر من تعصب المسن لماضيه لأن تعصب المسن لماضيه يمثل بالنسبة له القوة والنشاط والمكانة الاجتماعية والإنجازات التي قدمها.
ولفتت إلى أن المسن تراوده مشاعر انعدام الفائدة واستنفاد الفاعلية وازدياد مرارة الشعور بالوحدة كلما قل الناس من حوله، وخاصة الأولاد والأهل أو تناقص الأصدقاء.
وشددت الدكتورة بالهول على أن رعاية كبار المواطنين تعد ركنا أساسيا في الثقافة الإماراتية التي تضع الاهتمام ودعم المسنين في إطار «رعاية جذور شجرة الوطن»، فإذا صحّت الجذور فإن شجرة الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة تكون مثمرة وخضراء ممتدة.
مشيرة الى أن الاهتمام بكبار المواطنين واحتضانهم لا يكون مجرد أداء واجب أو مظاهر، بل ضرورة لأنهم الأساس والقاعدة التي تثبت شجرة الوطن، ولهذا قررت الدولة إطلاق السياسة الوطنية لكبار المواطنين، والتي أطلقها مجلس الوزراء العام الماضي بهدف الارتقاء بجودة الحياة وضمان المشاركة بفعالية في مجتمع آمن ومتلاحم.