الإمارات والتفوق الأخلاقي



2017-11-05

في خطوة عظيمة تعزز صدارة الإمارات الأخلاقية وريادتها إقليمياً وعالمياً، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الأسبوع الماضي المرسوم بقانون اتحادي رقم (12) لسنة 2017 في شأن الجرائم الدولية.

وقد حددت المادة الأولى من مرسوم صاحب السمو رئيس الدولة الجرائم الدولية التي تختص بها محاكم الدولة وفقاً لأحكام هذا القانون، وهي جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، ما يجعل من سلطتنا القضائية أول جهاز قضائي خارج أوروبا الغربية يتناول هذا النوع من الجرائم بما يؤكد ويرسخ دور الإمارات في المشاركة الفاعلة والمساهمة البنّاءة في حماية السلم العالمي وحماية حقوق الإنسان، كإنسان، حيث كان وأولها حقه في الحياة والأمان.

ومن يفهم الأسس الأخلاقية التي قامت عليها سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام وسياستها الخارجية بشكل خاص لا يفاجئه صدور هذا القانون الذي يتماشى مع كل ما تعبّر عنه هذه الدولة من قِيَمٍ وأخلاقيات مستمدة من شريعتنا السمحة وسنعنا التليد.

إن جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، وبغض النظر عمن يمارسها أفراداً أو مجموعات، تظل ممارسات إجرامية بشعة لا بد من التعاون الدولي لوضع حدٍ لها، وبحيث لا يتوهم مرتكبوها أن مجرد مغادرتهم حدود دولهم يحميهم من العقوبة وخاصة في الدول التي لا تعالج مثل هذه الجرائم في قوانينها، بذريعة عدم تجاوز السلطان القضائي للدولة.

لكن هذا القانون الإماراتي الجديد يؤكد مبدأً قانونياً مهماً جداً وهو أن السلطان الأخلاقي ومن ثم القضائي للدولة يسري على الجرائم الدولية التي ترتكب خارج حدودها، وخاصة إذا تم القبض على المجرم داخل حدود الدولة.

لقد كانت دولة الإمارات على الدوام موئلاً مفتوحاً لكل شعوب العالم الراغبة في زيارتها أو الإقامة فيها، ولم نغلق أبوابنا يوماً إلا في وجه من تكون له أغراض غير بريئة كالمجرمين والإرهابيين وأصحاب الأفكار المتطرفة أو المنحلة على حد سواء.

ولم تقبل الإمارات يوماً دخول أي شخص متورط في ارتكاب جرائم دولية أو مروره عبر حدودها، حتى قبل صدور هذا القانون.

الجديد هنا هو أن مرتكبي هذه النوعية من الجرائم البشعة سيصبحون مطلوبين فوراً لسلطات إنفاذ القانون الإماراتية، وخاصة إذا صدرت بحقهم مذكرات قبض دولية (من محاكم جرائم الحرب الدولية أو الإنتربول مثلاً) أو وطنية (أي من بلدانهم) أو تمت الشكوى بحقهم في الدولة، وبالتالي إذا حاول أحدهم الدخول للدولة أو تواجد فيها بشكل أو آخر سيقبض عليه فوراً ويحاكم في الدولة حسب القانون الجديد بعقوبات مشددة تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد.

ومن ناحية أخلاقية استوقفني في القانون شموله جريمة التحريض على الجرائم الدولية وهذا مطلب مهم لتحقيق العدالة، كذلك شموله لمجموعة واسعة من الجرائم التي أصبحت جزءاً من ثقافة التوحش المنتشرة في عالم اليوم مثل جرائم الاغتصاب الفردي أو الجماعي بحجة الحرب، واستخدام الأسلحة الكيماوية وغير ذلك نفتخر بدولتنا دائماً، وها هي قيادتنا الحكيمة تمنحنا سببا آخر لكي نقول: إماراتيون ونفتخر. الحمد لله.